الزعماء الثلاثة الذين دفعوا ثمن دعمهم لمصر: كيف انتهت حياة فيصل وبومدين والسادات؟
بقلم : محمد عبد الصبور
في ذاكرة التاريخ العربي الحديث، تبقى حرب أكتوبر 1973 واحدة من أبرز المحطات التي شهدت تلاحماً عربياً قلّ نظيره، وبرز فيها ثلاثة زعماء بدور بطولي.. الملك فيصل بن عبد العزيز، الرئيس الجزائري هواري بومدين، والرئيس المصري أنور السادات، دعمهم لمصر لم يكن مجرد موقف سياسي، بل كان التزاماً مصيرياً دفعوا ثمنه غالياً، حيث انتهت حياة الثلاثة في ظروف درامية، بعضها لا يزال يثير التساؤلات حتى اليوم.
فيصل بن عبد العزيز: النفط ليس أغلى من الدم العربي
كان الملك فيصل أحد أبرز الداعمين لمصر وسوريا في حرب أكتوبر، حيث أعلن قطع النفط عن الولايات المتحدة والدول الداعمة لإسرائيل، في خطوة غير مسبوقة أحدثت أزمة عالمية، وفي لقاء مع الرئيس أنور السادات، عرض فيصل دعماً مالياً غير محدود للمجهود الحربي، قائلاً: “اشتروا سلاحكم وابعتوا الفواتير، وإحنا بندفع.”
لكن في 25 مارس 1975، قُتل الملك فيصل على يد ابن أخيه الأمير فيصل بن مساعد خلال استقبال رسمي في الرياض، الرواية الرسمية أرجعت الأمر لدوافع شخصية، إلا أن العديد من المحللين أشاروا إلى أن قراراته الجريئة، وعلى رأسها سلاح النفط، قد تكون أغضبت أطرافاً دولية كبرى.
هواري بومدين: الجسر الصامت للسلاح
قبل الحرب بأيام، أبلغ السادات الرئيس الجزائري هواري بومدين أن الاتحاد السوفيتي يرفض إرسال شحنة سلاح لمصر قبل دفع 100 مليون دولار نقداً، وفي اليوم التالي، غادر بومدين إلى موسكو حاملاً المبلغ، وأصر على شحن السلاح قبل مغادرته الأراضي السوفيتية. موقفه هذا غيّر مجرى المعركة وأسهم بشكل كبير في النصر.
في ديسمبر 1978، توفي بومدين بعد مرض غامض. العديد من الشهادات، منها ما صدر عن مسؤولين فلسطينيين وعراقيين، ترجح أنه مات مسموماً بمادة الثاليوم. لم تُفتح تحقيقات دولية جادة حول الحادث، لكن علامات الاستفهام لا تزال قائمة.
أنور السادات: من بطل الحرب إلى ضحية السلام
قاد السادات مصر في واحدة من أنجح الحروب ضد إسرائيل، وحقق مكاسب سياسية كبيرة. لكنه، وفي خطوة مفاجئة للعالم العربي، وقع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1978، ما أثار غضباً شعبياً واسعاً وجعله هدفاً للمتشددين.
في 6 أكتوبر 1981، اغتيل السادات خلال عرض عسكري في ذكرى حرب أكتوبر، على يد عناصر متطرفة من تنظيم “الجهاد الإسلامي”، كانت رسالتهم واضحة: عقوبة على السلام مع “العدو”.
الوفاء الذي لم يُغفر
قدّم هؤلاء الزعماء الثلاثة أقصى ما يمكن للدفاع عن الأمة العربية ومصر تحديداً، لكن النهاية كانت واحدة: الاغتيال. سواء أكان بدافع سياسي أو مخابراتي أو ديني، فإن القاسم المشترك بينهم كان مواقفهم الصلبة التي لم ترضَ بها قوى كبرى ولا حتى أطراف داخلية.
ويبقى السؤال مفتوحاً: هل كانوا ضحايا لمبادئهم؟ أم لحسابات لم يُسمح لهم بفهمها حتى اللحظة الأخيرة؟