بعيدا عن التدخلات الخارجية فى الشأن السورى موخرا وما صاحبها من ارتفاع وتيرة العنف المسلح والعنف المضاد بشكل لافت ، وما تردد حول تدخل روسى عسكرى فى الاحداث الدموية التى تشهدها العديد من المناطق فى الساحل السورى بحكم وجودها فى “قاعدة حيميم العسكرية ” لحمايتها ، واسراع تركيا من جانبها بدفع تعزيزات عسكرية آلى الداخل السورى لدعم رجلها أحمد الشرع الجولاني الرئيس الانتقالى وما تردد عن تدخلات ايرانية، وتوتر على الحدود العراقية السورية ، كل ذلك يؤشر لاحتمالات دورة جديدة من الصراع بالدخول فى حرب أهلية.
فما يجرى فى سوريا خطير ومرعب من حجم الأحداث المأساوية والتى لاتتعلق “بالفلول”، بقدر ما تتعلق بإبادة وتصفية المدنيين الابرياء من الطائفة العلوية ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، إبادة اعداد كبيرة من سكان قرية “المختارية”، وقرى آخرى ، وتحت مسمى عمليات تمشيط لعناصر الامن الجولاني والذين يحملون جنسيات اجنبية ، حيث تنتشر عشرات الفيديوهات الخاصة بعناصر هيئة تحرير الشام ” تنظيم القاعدة سابقا” تظهر حجم البشاعة فى التعذيب والتحقير والاستهانة بقتل الأبرياء شيوخا وشبابا واطفالا وهو أمر أشار له الامين العام للأمم المتحدة فى كلمة له فى وقت سابق.
ويرى العديد من المراقبين بأنه لا يصح على الاطلاق إعطاء عناصر الجولاني شيك على بياض للاستمرار فى قتل المدنيين والضرب من حديد لمجرد كونهم علويين واعطاء الضوء الاخضر لهم بأنه لاصوت يعلو على صوت معركة تدمير انتقامية بحق الطائفة العلوية، كما لا يصح لأحد أن يراجع أخطاء حكومة الشرع الانتقالية التى استحوذت على السلطة بشكل منفرد ووفق منطق من “يحرر يقرر” ويحق له أيضا أن يصدر اوامر بالقتل والقاء البراميل المتفجرة على قرى الساحل السورى .
فما فعله النظام السابق على مدى ١٤ سنة فعله “تنظيم القاعدة” في يوم واحد، وما فعله نظام البعث على مدى 54 سنة فعله تنظيم القاعدة فى ثلاثة أشهر بالتمام والكمال , وكما جرى توثيق مجازر ارتكبها النظام السابق ، يجرى حاليا توثيق مجازر بذات البشاعة من قبل تنظيم القاعدة فى الساحل السورى ، وثقها عناصر تنظيم للقاعدة بهواتفهم وبما يستدعى صحوة الضمير الإنساني لإنقاذ المدنيين الابرياء فى ظل غياب القانون والعدالة فى إجراء محاكمات نزيهة.
ويبقى السؤال إلى أين ذهبت سوريا الجديدة،؟ واين الحوار الوطنى الذى شمل كل السوريون دون تمييز طائفي او مذهبى ؟
وأين الحل السياسى؟ وأين القوى السياسية السورية والاحزاب وقوى المعارضة السورية؟ وأين الفنانون والمثقفون والأدباء والمفكرون؟ وأين قبول الاخر ؟.
فما يجرى على أرض سوريا يؤكد غياب الدولة وغياب المؤسسات الوطنية والقانون والعدالة و الأمن فى ظل حكم جديد لاينبغي أن يضم جماعات اجرامية ارهابية جهادية تكفيرية تمارس تطهيرا عرقيًا فى ظل تعتيم اعلامى، ليكشف الوجه الآخر من العملة التى غطتها مؤامرة السيطرة على سوريا من قبل جماعة انفردت بالسلطة بإقصاء الجميع، وكل من يخالفها وبما يؤشر لانطلاق شبح التقسيم لإنعدام الثقة بين كافة الأطراف والقوى الرافضة لاستفراد “الشرع “بالسلطة الامر الذى ترتب على خلفيته ما يجرى فى الساحل السورى علاوة على تراجع قوات سوريا الديمقراطية ” قسد” عن التسرع عن إلقاء السلاح وفق ما يأمل اردوغان اضافة إلى اصرار الطائفة الدرزية رفضها تسليم السلاح خوفا او تخوفًا أن يجرى لهم ماجرى للطائفة العلوية فى الساحل السورى .
المؤكد أن التاريخ لن يرحم الجميع سواء كانوا معارضة او مولاه وسيبقى الامن والامان الحلم الضائع الذى تسرب من بين نفوس وقلوب وضمائر السوريون الأبرياء، ولمن خانوا أوطانهم ، فلن يكون هناك أحدًا فى مأمن ولا حتى ولا امن الا بتوافق الجميع وقبول الاخر .