ماهر فرغلي : صراع المرجعيات الدينية يهدد تنظيم الفتوى .. ويهدر المال العام

حذر الباحث المتخصص في شؤون الإسلام السياسي، ماهر فرغلي، من تفاقم الأزمة القائمة بين مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف بشأن مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة، مشيرًا إلى أن “الرفض الواضح من الأزهر للمشروع يكشف عن أزمة أعمق تتعلق بمرجعية الفتوى في مصر”.

وقال فرغلي في تصريحات خاصة : “الأزهر يتمسك بأن تكون المشيخة وهيئة كبار العلماء المرجعية العليا الوحيدة للفتوى، رافضًا إشراك جهات أخرى، وهو ما يعكس خلافًا مؤسسيًا له أبعاد تاريخية وأدبية، إذ يُنظر لشيخ الأزهر باعتباره الجهة التي تختار المفتي ووزير الأوقاف تقليديًا، وهو اعتقاد ما زال يُؤخذ في الحسبان”.

وأضاف: “بنظرة سريعة إلى المشهد الديني نجد أن المؤسسات الدينية الرئيسية في مصر تتوزع بين ثلاثة أضلاع: الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء المصرية، وكان من المفترض أن لكل منها دورًا محددًا، إلا أن الواقع يشهد تداخلًا وتشابكًا كبيرًا بينها”.

وأوضح فرغلي أن الأزهر يضم تحت مظلته عددًا من الكيانات مثل: هيئة كبار العلماء، مجمع البحوث الإسلامية، جامعة الأزهر، مركز الفتوى الإلكترونية، مرصد الأزهر، وغيرها من الجهات.

وفي المقابل، تخضع لوزارة الأوقاف كيانات مثل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، هيئة الأوقاف، مؤسسة الزكاة، أكاديمية الأوقاف الدولية، ومشيخة الطرق الصوفية، بينما تضم دار الإفتاء هيئات مثل مرصد الفتاوى التكفيرية، مرصد الإسلاموفوبيا، مركز سلام، وغيرها.

وأكد فرغلي أن هذا التعدد الكبير في المؤسسات “يخلق ازدواجية وتضاربًا في الأدوار، ويؤدي إلى إهدار كبير في المال العام والجهد البشري، دون تحقيق الأثر المرجو في ضبط الخطاب الديني أو مواجهة التطرف”.

وشدد الباحث على ضرورة “إعادة هيكلة هذه المؤسسات بشكل يضمن دمج أو تقليص الكيانات المتشابهة، كأن يكون هناك جهة واحدة مسؤولة عن الفتوى، ومرصد واحد لمكافحة التطرف، وهيئة واحدة لإدارة الزكاة”، مؤكدًا أن “التشرذم المؤسسي الحالي يعوق تطوير الخطاب الديني”، ويشتت جهود ” تصويب الخطاب الفكرى ” .

واضاف فرغلى : بنظرة اعمق تجد أن مؤسساتنا الدينية تتشكل من 3 أضلاع ، والمفترض أن كلا منها يؤدي دورا محددا، إلا أننا سنجد تداخلا كبيرا بينهم جميعا : الأول هو االأزهر، الذي تخضع له عدد من المؤسسات: هيئة كبار العلماء -المجلس الأعلى للأزهر -مجمع البحوث الإسلامية -جامعة الأزهر -قطاع المعاهد الأزهرية -مدينة البعوث الإسلامية -مرصد الأزهر لمكافحة التطرف -أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة -مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية -جريدة صوت الأزهر -مركز الأزهر للترجمة -بيت الزكاة والصدقات المصري.

وتابع : أما وزارة الأوقاف فيخضع لها: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية -هيئة الأوقاف المصرية -مؤسسة القرض الحسن -مؤسسة الزكاة -المشيخة العامة للطرق الصوفية -مشيخة عموم المقارئ المصرية -المكتبة المركزية للمخطوطات الإسلامية -أكاديمية الأوقاف الدولية.

ونوه فرغلى الى ان الضلع الثالث هو دار الإفتاء التي يخضع لها: الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم -مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة -مرصد الإسلاموفوبيا -مرصد الجاليات المسلمة في العالم -مركز سلام لدراسات التطرف.
ومن المؤكد أن المطلوب هو تقليص أو دمج أو تنظيم هذه المؤسسات لتصبح مؤسسة واحدة هي المسؤولة عن الفتوى، ومرصد واحد فقط لمكافحة التطرف، وهيئة واحدة مسؤولة عن الزكاة… الخ، وهذا على سبيل المثال وليس الحصر .

واختتم فرغلي تصريحاته بالتنبيه إلى مفارقة خطيرة، قائلاً: “رغم هذا الكم من المؤسسات الدينية والإنفاق الهائل عليها، فإن المجتمع المصري يشهد حاليًا أكبر موجة من انتشار الفكر السلفي والتطرف، بل وأيضًا موجة غير مسبوقة من الإلحاد، وذلك وفق دراسات ميدانية كنت أحد المشاركين الرئيسيين فيها”.