المؤكد أن ايران فى مأزق وجودى شديد التعقيد فى المواجهة المفتوحة ما بين إسرائيل والولايات المتحدة فى ظل معادلة ظالمة، جعلت ايران وحيدة أمام خيارات محدودة ..ومصير مجهول.. بل ومواقف متأرجحة فى نفقى شديدى الظلمة بين الاعلان عن رفع الراية البيضاء، والقبول بالسلام المفروض والمعروض عليها حفاظا على “النظام”، عقب تدمير الحلم الايرانى الذى امتد لأكثر من أربعة عقود.
خيارات ايران اليوم محدودة فى ظل استمرار إسرائيل بممارسة الضغوط على طهران بضرب القدرات البالستية مما تملكة من صواريخ ، وضرب القدرات العسكرية من الحرس الثورى وقوات الباسيج واضعاف النظام الايرانى ، للقبول بوقف اطلاق النار وعدم رغبة إسرائيل فى الدخول فى حرب استنزاف طويلة برغم استهدافها لمنشأة
خودرو النووية وتدمير الطرق الرئيسية المؤدية للمفاعل .
ويشكل عدم الرد الايرانى بقوة لفرض معادلة جديدة فى الصراع والنفوذ مما سيجعلها معرضة للاستنزاف والابتزاز تحت الضغط الدولى فى ظل غياب أصدقاء داعمين لها على الساحة الدولية و الإقليمية و العربية و الخليجية، برغم حالة التراشق اليومى ما بين تل ابيب وطهران، وهو ما يشكل تدميرا لكافة البنى التحتية سواء فى تل ابيب او طهران التى فقدت الكثير والكثير من مقدراتها الامنية والعسكرية والعلمية من علماء وخبراء وقادة عسكريين لاضعاف سيطرة ايران واجبارها على الرد باستخدام خطوات تصعيدية كفلق مضيق هرمز ، وهو أمر سيضعها أمام عواقب وخيمة، وستفتح أبواب الجحيم للخلاص من دولة العمائم والملالى كخيار نهائي لابد منه وبما يشكل تفكيكًا للدولة الدينية .
فيما يساور الكثير تساؤلات حول .. ما مدى تأثير تدمير المفاعلات الثلاث على الداخل الايرانى وعلى النظام ومدى استمراره وبقاءه بوصفه حلما تجاوز العقود الاربع ليصبح فى مهب الريح؟
حقيقة الامر لم يكن الهدف من تدمير المفاعلات النووية اسقاط النظام الايرانى بقدر ما تبدى طهران من مرونة فى التعاطى مع ما يطرح فى بحث ملف السلام ليصبح اسقاط النظام اليوم ليس مستبعدا فى ظل رفض طهران التعاطى مع طروحات السلام الغامضة ، والقبول بها وهو ما يشكل انتحارا لايران النظام وايران الدولة ضمن خيارات صعبة اقتصاديًا اذا ما قررت اغلاق مضيق هرمز .
ومع استمرار التراشق بين ايران واسرائيل ، وسيطرة تل ابيب على أجواء الجغرافيا الايرانية وانتهاك سيادتها على مدار الساعة خاصة مع اعلان إسرائيل لسكان طهران مغادرة منازلهم بعد ضربها لمراكز الحرس الثورى، واعادة ضرب مفاعل خودرو وتدمير الطرق المؤدية الى الموقع خشية نقل كميات اليورانيوم المخصب .
وفى ظل عدم وجود خيارات جديدة على الارض أمام ايران فى مواجهتها إسرائيل سوى الصوارايخ الباليستية فقط بسبب المسافة بين طهران وتل ابيب، وافتقاد ايران عنصر الدفاع والردع الجوى، بما يدفع ايران الى التفكير فى وقف الحرب الاستنزافية والتى تشكل أيضا بالنسبه لها انتحارا اقتصاديا مع إصرار طهران بإعلانها حاليا فى قدرتها على مواصلة الحرب ولمدة عامين مقبلين بحكم ما تملكة من صواريخ كثيرة.
وربما قد يكون قرار طهران بإطالة آمد الحرب قرارًا مشروعًا فى الدفاع عن نفسها فى حرب تراها كونية وتفوق قدراتها، فى قيامها بمحاربة إسرائيل فى حرب فرضت عليها، وما جرى ويجرى من صراع اسرائيلي امريكى ايرانى على مدى العشرة ايام الماضية من عن تدمير المفاعلات النووية فى سيناريو دراماتيكي حمل الكثير من الحيل والخداع والمرواغة والتحذيرات والتردد فى اتخاذ القرار وعبر تصريحات متضاربة ومتناقضة انتظارًا لإعلان طهران رفع الراية البيضاء بعد أن نفذ رصيدها لدى ترامب.
بتلك المقدمات أسفرت عن النتائج التالية:
١- تدمير المنشآت النووية الايرانية بشكل كامل وعبر ضربات شديدة وصفت بانها ناجحة ودقيقة.
٢- العملية كانت امنة سريعة وسرية لم
تشكل إعلان حرب كونها عملية عسكرية محدودة لم تستغرق وقتا دون اضرار تتعلق بتسريب اشعاعي حتى الان بل واعتبارها تشكل تغييرًا فى خريطة الشرق الاوسط .
٣- امريكا من خلال تلك العملية السريعة ساهمت وبشكل كبير فى عدم تورطها فى حرب طويلة ومباشرة مع ايران مثلما تجاربها المؤلمة مع اليابان وفى فيتنام وافغانستان ودون الاستعانة بشكل مباشر لقوات على الارض .
٤- اصرار ترامب على ضرب المفاعل النووى جاء لانعدام حالة الثقة بين واشنطن وطهران بسبب تهرب مرواغة ايران من التزامها بالمفاوضات مع امريكا وعدم الجدية فى التعاطى مع ملفها النووى الذى ظل محل حول. لعقود .
٥- لا توجد ضمانات بأن ايران لم تهرب اليورانيوم المخصب خارج مفاعلاتها قبل القصف ومن يضمن انها لم تنتج قنابل ورؤوس نووية وتنتظر اللحظة المناسبة لاستخدامها .
٦- المهمة الاولى والاكثر أهمية للنظام من الحلم النووى الضائع فى تلك المرحلة الشديدة الخطورة والتعقيد هى كيفية توفير الحماية لبقاء نظام الملالى، ومحاولة التقليل من حجم خسائرها بالادعاء بأنه تم نقل اليورانيوم المخصب “٤٥٠ ” كج من موقعه على خلاف الحقيقة.
٨- كيف يمكن للنظام الايرانى الذى اصيب بحالة من الارتباك الشديد فى الضربة الاستباقية لتصبح ايران بعموم جغرافيتها مرتعا خصبا للالاف من الجواسيس والعملاء؟!!! وايهام الداخل انه لا توجد خسائر استراتيجية كبيرة وربما رسالة طمانة وتلويح للخصوم عبر حرب نفسية بين الطرفين
٩-وكيف يمكن توفير الحماية والحفاظ على استمرار النظام الذى قد يكون مؤشرا خطيرا فى مواجهة ردود افعال الشارع الايرانى الذى عاش على مدى أكثر من أربعة عقود لتحقيق الحلم النووى، وان تصبح بلاده عضوا فى النادى الدولى للهواء الطلق .
١٠- الوضع الراهن طال امده او قصر سيضع النظام الايرانى فى مرحلة التآكل الذاتى ومن الداخل الايرانى ليتم اسقاطه بعد أن فوجىء الشعب وهو يرى الحلم ينهار وينتهى أمام عينية ببساطة شديدة وانه عانى كثيرا جراء حصار مميت ودون طحين حقيقي.
يبقى فى النهاية
مجرد تساؤلات للنقاش
ماذا لو قامت ايران كرد فعل بضرب القواعد الامريكيه؟.. هل سيضع بذلك النظام نهايته بيده، اذا قرر قصف القواعد الامريكيه واغلاق مضيق هرمز ؟
ماهى احتمالات النصر والهزيمة بين طهران وتل ابيب مع اتساع رقعة الصراع المفتوحة؟
فماذا لو انتصرت ايران ؟ وماذا يعنى الانتصار وحدوده ؟ وهل سيكون لدى ايران القدرة على استعادة برنامجها النووى ؟
وماذا لو انتصرت إسرائيل؟ وأيهما أفضل للعرب ايران ام إسرائيل في حالة النصر ؟