ظلت قضية ابرام سوريا اتفاق سلام مع إسرائيل محل مفاوضات لم تتوقف منذ مباحثات “مدريد “، وظلت محور اهتمام البلدين عبر مفاوضات عبثية ضاعت فيها العديد من فرص السلام، نتيجة انعدام الثقة بينهما وبين الوسطاء لتتوقف تماما مع أحداث عام ٢٠١١، وما ترتب عليها من متغيرات أقليمية ودولية متسارعة أفقدت الدولة السورية قدرتها على الاستمرار ومع خروج الجيش السورى من الخدمة عقب تدميره من قبل إسرائيل .
ومع انقضاء سته أشهر بالتمام والكمال على سقوط الدولة السورية منذ ٧ ديسمبر من عام ٢٠٢٤ الماضى، ومعها نظام بشار الاسد ، وصعود مالا يمكن تصوره أو تخيله من أبناء الشعب السورى نفسه بمختلف طوائفه ومذاهبه، بصعود زعيم تنظيم القاعدة “أبو محمد الجولاني” رئيس هيئة تحرير الشام وجبهه النصرة سابقا، والمدرج على قوائم الارهاب رئيسًا لسوريا.
ومع نشوة السعادة بسقوط نظام الاسد ، ليصبح أحمد الشرع الجديد “الجولاني” بين ليلة وضحاها رئيسًا بالقوة الجبرية على الشعب السورى لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات وتعديل الدستور على مدى ثلاث سنوات ، ووفق منطق الجولانى ” من يحرر يقرر” وكأن سوريا كانت لاتزال تعيش تحت الاحتلال والانتداب الفرنسى .
ولم يكن غريبا أن يجرى التسويق لعمليات اغتيال فاشلة استهدفت أحمد الشرع لأكثر من مرة سواء داخل سوريا أو خارجها وما تم تسويقه عبر العديد من المواقع والمنصات الاخبارية بأنها محاولات فاشلة اتهمت فيها قوات سوريا الكردية الديمقراطية “قسد ” ، وهو ما نفته بشدة ومن ثم الاشارة الى تركيا بوصفها المستفيد للخلاص منه بخروجه عن طوعها، باعلان ترحيبه لعلاقات سلام مباشرة مع تل ابيب واستعداده التوقيع على اتفاق سلام مع إسرائيل دون وساطة تركية، ووفقا لشروط امريكية اسرائيلية تحفظ لإسرائيل أمنها واستقرارها، لتصبح أنقرة شاهدًا على عقد ذلك الاتفاق .
العديد من المراقبين يرون أن احمد الشرع الجديد ابو محمد الجولاني جاء بهدف وظيفى جرى الترتيب له بعناية فائقة على كافة المستويات الأمنية والاستخباراتية إقليميا ودوليا للقيام بمهام بعينها أهمها إقرار السلام فى منطقة الشرق الاوسط وتجاوز العقبة الكؤود، باخضاع سوريا قسرًا ووفق الشروط والاهداف الاسرائيلية وبما يحقق لها فتح افاق التطبيع معها ومع بقية الدول الخليجية والعربية طواعية ووفق منطق الدولة الابراهيمية.
كما يرى المراقبون ان توقيع دمشق على اتفاق سلام مع إسرائيل ومع لبنان قريبا قد وضعهما فى اطار دول الاعتدال، بعد غياب تام لمنطق الممانعة والمقاومة وبما قد ينسحب على القضية الفلسطينية بوصفها القضية المركزية والتى فى تقديرى سقطت من حسابات الغرب تماما بفضل أداء جماعة حماس واصرارها على انسحاب إسرائيل من غزة فى طلب عبثى يدعو للبكاء والرثاء على ضحايا ذهبوا سدى.
المؤكد ان ابو محمد الجولاني سيوقع على اتفاق سلام مع إسرائيل وتعهده ان سوريا لن تكون مصدرا لعدم الاستقرار بين دول الجوار على ان يترافق مع ذلك توقيع اتفاق لترسيم الحدود بين سوريا ولبنان لانهاء اشكالية “مزارع شبعا”، هل هى سورية ام لبنانية؟!!’، على ان يكون ذلك الاتفاق ملزم للجميع اساسه نشر ثقافة السلام بين الدول الثلاث حتى يعم السلام والامن وفق تصور ورؤية الرئيس الامريكى ترامب .
من جانبه أقدم الرئيس ترامب على تقديم جملة الحوافز والجوائز لتشجيع الجميع على مباركة ذلك السلام ما بين دمشق وتل ابيب وبيروت مستقبلا، عبر توقيعه أمرأ تنفيذيا برفع وتخفيف العقوبات عن سوريا مع مراجعة تصنيفها كدولة راعية للارهاب للتشجيع على مباحثات تمهيدية بناءة بين دمشق وتل ابيب حيث سيلتقى الشرع ونتنياهو فى واشنطن قريبا وفقا للصحف الاسرائيلية، وبما يؤشر لفتح صفحة جديدة فى العلاقات بين دمشق وواشنطن .