مسرحية “الطينة”صرخة عبثية من أعماق نحات.

في عرض مسرحي يفيض بالشجن والعبث، قدّمت فرقة قصر ثقافة الطارف مسرحية “الطينة” تأليف كريم الشاوري، وإخراج جاسر المصري، ضمن فعاليات المهرجان الختامي لفرق الأقاليم٤٧ بالقاهرة على مسرح روض الفرج. العرض حمل في طيّاته مرآة مشروخة للواقع الصعيدي، ممتزجًا الصراع الوجودي بين الإنسان والطين الذي خرج منه.

نص “الطينة” حمل بصمة كريم الشاوري الخاصة، الذي صاغ حكاية نحات هارب من الثأر، يُعيد تشكيل بشر من طين، وكأنما يحاول أن يخلق وطنًا بديلًا أو يعيد تشكيل القدر. النص محمّل بالدلالات الرمزية، من الزواج القسري إلى الهجرة غير الشرعية، ومن الشك المرضي داخل الأسرة إلى هشاشة السلطة الأبوية. كل هذه القضايا تندمج داخل نسيج درامي عميق، ينتمي إلى تيار العبث الواقعي، حيث تتداخل الحقيقة بالحلم، والكلمات بالصمت، والطين بالدم.

وجاء الإخراج موفق بين البساطة والتكثيف الرمزي

استطاع المخرج جاسر المصري أن يخلق عالمًا بصريًا متكاملًا رغم محدودية الإمكانيات، عبر توظيف الإيقاع البطيء المتعمّد، والإضاءة الموضعية التي سلّطت الضوء على حالات التوتر الداخلي للشخصيات.

كما قام المخرج باستخدام الفراغ المسرحي كجزء من الدلالة، ليحاكي فراغ الإنسان من المعنى.
وقام أيضا بتوظيف التماثيل البشر على الخشبة بشكل فني بسيط ومعبر.
وجاء التمثيل مجسدًا الانكسارات الإنسانية،
وقدم الممثلون أداءً متناغمًا، اتسم بالصدق والبساطة، خاصة الممثل الذي أدى دور النحات، فقد تمكن من إيصال صراعه الداخلي بجسد منهك ونظرات شاردة.
كما تميزت الممثلة التي جسّدت شخصية “أمل” ضحية الزواج المبكر بأداء تلقائي مشحون بالعاطفة والغضب. بقية الأدوار – مثل الأب الشكاك، والأم التي لا تستطيع تحريك ساكن والابن المغلوب على أمره والمهاجر وغيرهم لعبوا أدوارًا داعمة مهمة في رسم ملامح المجتمع المأزوم.
وكان الديكور بسيط لكن معبّر. التماثيل المنتشرة أعطت للمسرح هوية بصرية مرتبطة بالعنوان والمضمون وكذلك التدريج في شكل المسرح من مستويات عدة.
أما الإضاءة ركزت على التحول الشعوري، من مشهد إلى آخر، وخلقت أحيانًا حالة حالمة ساحرة.
والأزياء اعتمدت على ملابس ذات طابع بسيط ملائم للتماثيل.
والموسيقى والصوت نبض داخلي للعرض.. فكانت موسيقى العرض كانت موفّقة، خاصة في المشاهد التي جسّدت الألم أو الحنين. استُخدمت الآلات الوترية والإيقاع الصعيدي بشكل يخدم التوتر الدرامي، كما جاءت المؤثرات الصوتية لتكمل العالم السمعي للعرض دون أن تطغى على الحوار.

مسرحية “الطينة” تستحق التوقف أمامها
“الطينة” ليس مجرد عرض مسرحي، بلهو صرخة اجتماعية وثقافية تحاول الخروج إلى النور لتواجه العادات والتقاليد الخاطئة التي تشوب مجتمعنا المصري اجتماعي.
نص الطينة كتبه كريم الشاوري بوعي فني وحس فلسفي، وأخرجه جاسر المصري بلغة ركحية واعية بمحدودياتها، لكنها لم تُقيد خيال المخرج.

وفي وسط تلك الأجواء ومعاناة كل شخصية يسرق الأنظار ويخطف الاضواء شخصية ، ليست بطبيعية ، إنما هي اكتسبت طباع من أفعال والديها شخصية معقدة نتائج المشاكل الأسرية والعند الأسري نتيجة الاختيار الخاطئ الذي يخرج لنا جيلا وشباب معقد ليس بقدرته أن يأخذ قرار ،قام بتلك الشخصية الممثل الصاعد مهاب وليد النوبي ولفت نظر الجمهور الذي ناشد بموهبته وتوقع له مستقبل باهر

وكان فريق العمل مجتهدًا بكل عناصره:
(الطيب – رامز ثابت – شريف عبد العظيم – حسين خالد -أحمد بدوي – مهاب وليد – كارولين ابراهيم – أدهم صابر – ميرنا ابراهيم – شاذلي السيد – محمد احمد – مارولا هدره – فاطمة حسن – شروق المصري – ريمودندا عماد – عبدالله مسعود – احمد حلمي ـ يوسف شعبان – نور عبدالعال – حمزة النوبي – ريهام عماد – روجينا عماد – هلا الصباح – مايا وليد – جني محمد – روجين الصباح – مريم محمود
ديكور محمد ثابت – ملابس خلود ابو العيون – موسيقي خالد كمال – إضاءة جاسر المصري تنفيذ الإضاءة مايكل يعقوب – كريوجراف محمد صقر – مدير إدارة العرض حسان علي – مسؤل خشبة المسرح حسن رفاعي – مخرج منفذ لمياء المصري- تأليف كريم الشاوري- إخراج جاسر المصري