الـ (كامباوند) هو ما كان يعرف في المدينة المنورة بالحوش، وكلاهما تجمع سكني، في عدد من أحياء المدينة، وقد أدركت أحد تلك الأحواش، إذ حضرت فيه وأنا طفل مناسبة زواج، وبفضل التوسع العمراني أزيلت جميع أحواش المدينة المنورة، وربما كانت تلك التوسعات شبه انعتاق لدى البعض، من ضيق المساحة والحرية المحدودة لساكنيه، الذين لا يحق لهم عمل شيء إلا باتفاق ضمني بين كل السكان، ولو على سبيل الإحاطة بالأمر.
ذكر الدكتور عبد العزيز الصويغ في كتابه (خارج الصندوق .. مسيرة حياة) أن أسرته كانت تسكن أحد الأحواش، في المدينة المنورة، وذكر أن عدد الأحواش زاد عن أربعة وسبعين حوشًا، وقدم الدكتور الصويغ معلومات هندسية عن شكل ومساحة الحوش، وعدد المنازل التي يضمها الحوش، كما استعرض بشيء من الاعتزاز، السمات والسلوك الاجتماعي، لسكان تلك الأحواش المتميزة بالنخوة والتكافل الاجتماعي والخلق الحسن.
(كامباود) اليوم أو الحوش، يختلف شكلًا ومضمونًا عن تلك الأحواش التي تحدث عنها الدكتور الصويغ، وغيره من الكتاب والمؤرخين، الذين كتبوا عن المدينة المنورة، وهو حال كل من يستذكر الماضي، وما يتحدثون عنه ليس فيه ادعاء أو تضليل، فكل مجتمعات العالم، كانت على نمط مخالف لما نراه اليوم، فقد لا تعرف جارك في العمارة أو الفيلا الملاصقة لفيلتك، إن كنت تسكن في (كامباوند) والأمر بالطبع ليس مطلقًا، فهناك تجمعات سكنية تحظى ربما بذات صفات الأحواش، وربما أكثر، من حيث الخدمات، وما يتعلق بالوضع الاجتماعي، مع ضمان الحرية الشخصية.
يتبع…
*إذاعي وكاتب سعودي