(أنا حمدوه كل الناس تعرفني .. حتى الملوك ذي التيجان تعرفني) هذه عبارة مجتزأة من إحدى صفحات كتاب الدكتور عبد العزيز الصويغ (خارج الصندوق .. مسيرة حياة) تلك الصفحات تحدث فيها عن حياته الدراسية، في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، في مدرسة الشاطئ بجدة، وكان من قبل يدرس في كلية فكتوريا بمصر.
(حمدوه) وفق تصنيف اليوم هو طالب يتنمر على زملائه، ومنهم الدكتور الصويغ الذي لم يتردد في إيقاف (حمدوه) عند حده واكتفاء شره، وبقدر ما أحسست بانزعاج الدكتور الصويغ منه، أحسست أن (حمدوه) ربما كان إنسانًا له طموح، وربما كان صاحب مواهب لا نعرفها، ولم يتعرف عليها مدرسو مدرسة الشاطئ.
التعليم فيما سبق كان حريصًا على التربية في السلوك والتعليم، لكنه غافل عن اكتشاف المواهب، خاصة تلك التي في ظاهرها متجسدة في العنف، أو عدم الاهتمام بالدروس، وغالبا ما تكون النتائج آخر العام غير سارة، بل ربما ترك بعض من يتصفون بصفات (حمدوه) الدراسة.
ليس الدكتور الصويغ وحده من تعرض لتصرفات مثل تصرفات (حمدوه) فتلك نماذج متوفرة حتى اليوم، في كل مراحل التعليم وفي كل العالم، لكن التعامل معها يختلف من بلد لبلد ومن مجتمع لآخر، وهناك ظاهرة أو واقع، يتندر به أصحاب الدرجات العلمية الكبيرة، الذين لم تبتسم لهم الحياة في جانب الثراء، وهي أن الطلاب الذين كانوا في مستويات متأخرة في دراستهم، هم اليوم من كبار رجال المال والأعمال.
بصدق ــ قد لا يعجب الدكتور الصويغ ــ اٌعجبت بـ (حمدوه) وليتني أعرف ما حل به، أحسب أنه من أصحاب الحظوظ المتعثرة، خاصة أنه كان يتوكأ على عصاه، وفي ذلك الزمن لا مجال للمعاقين إلا أن ينبذوا، أو يكونوا تحت رحمة الشفقة الاجتماعية.
يتبع…
*إذاعي وكاتب سعودي
السابق بوست