تظل الباخرة التي قامت حارة السليمانية بصناعتها، وعرضها في الخريق احتفاءً بعودة الملك سعود، يرحمه الله، من رحلته العلاجية عام 1381هـ ــ 1961م، الحدث الذي لا ينساه، كل من تجاوز عمره الآن الستين سنة، من أهل مكة المكرمة، فقد كان احتفاء حارتي، هو الأبرز والأجمل والأكمل، بين كل حارات مكة المكرمة، وفي (برزتها) الصيوان المفتوح غنّى كبار فناني ذلك الزمان.
لقد بنيت تلك السفينة على سيارة شحن (لوري) تعود ملكيتها للعم زكريا صباغ، وصاحب الفكرة والتصميم، والاشراف على البناء، هو الفنان العم درويش السليماني، كان يسكن في أعلى جبل جانشاه، ونراه بلحيته البيضاء الكثّة يومياً عندما يذهب صباحاً إلى مصالحه.
قدّم الرجل الفكرة لعمدة وأهالي الحارة، وجُمعت التبرعات، وساهم البعض بخدماته في بناء الباخرة، وتم كل ذلك بتحفظ، في الجهة الجنوبية لبستان باحمدين، خلف بيت العم صدقة أبو نار.
ما زلت حتى الآن، أتذكر الساعات العصيبة، التي تم فيها إخراج الباخرة عصراً إلى موقعها في الخريق، أمام مسجد الدندراوي، يقودها العم أحمد أبيض، يرحمه الله، بتوجيه من شباب وكهول أهل الحارة، محترفي قيادة السيارات الكبيرة، فقد كان العم أحمد على مقود الشاحنة، لا يرى شيئًا ودون تكييف، والمَخْرج من موقع البناء إلى الخريق، ضيق وبه زاوية قائمة أمام باب البستان.
لقد خرج العم أحمد وهو في غاية الإنهاك، يتصبب عرقًا رافضًا التحدث لأي شخص بعد سماع التوجيهات، والارشادات والتحذيرات، وبأصوات عالية حتى تصل إلى مسامعه داخل الشاحنة، التي بنيت عليها الباخرة، حيث اكتست باللون الأبيض، وعلى سطحها عدد من شباب الحارة، بزي البحارة الأبيض والازرق.
يتبع…
*إذاعي وكاتب سعودي
الصور المرفقة:
ــ الباخرة في موقعها بالخريق
ــ العم زكريا صباغ
ــ مدخل (البرزة) الصيوان