وللحديث بقية.. (50)

جدة :عدنان صعيدي*

0 45

لم يكن الشيخ أبو تراب الظاهري، أستاذًا وشيخًا لنا، ومراقبًا لبرامج الإذاعة وحسب، فهو عالم كبير، دَرّس في المسجد الحرام، وفي عدد من المدارس الشرعية، وعمل مراقبًا في الصحف، وكان مرجعًا لأساتذة الجامعات، يقول الأستاذ الدكتور عبد الله الغذّامي، في كلمة رثاء بعد وفاة الشيخ أبي تراب ( . . ولقد أحسستُ بالفقد منذ أن انتقلت إلى الرياض، إذ لم يعد أبو تراب بجانبي أو قريبًا مني. وقد كان من ديدني حينما كنت في جدة، أن أتصل به هاتفيًا في منزله، كلما مرت عليّ قضية لغوية تحتاج إلى تحقيق، وكنت أركن إليه في مهمات كهذه، وأجده يهب للمساعدة هاشًا باشًا وفرحًا جذلًا، ويوفر عليّ وقًتا في البحث، وأتفرغ أنا لشغلي، الذي أنا فيه ضامنًا ومطمئنًا، إلى أن عالمًا متبحرًا قد كفاني مهمة التحقق والتثبت، ويأتيني جوابه هاتفيًا ساردًا المراجع والروايات)

تمتع الشيخ أبو تراب بذاكرة قوية حتى وفاته، فإن اجتمعنا في بيته، وطرح أحدنا سؤالًا أو مسألة، فانه يجيب دون تردد أو مراجعة، ثم ينظر إلى مكتبته ويقول للسائل، قم وخذ ذاك الكتاب تجد فيه كل ما تريد، وكان صبورًا على المناقشة والحوار، فإن تحول الأمر إلى جدل عقيم، لزم الصمت وابتسم، فإن كان المجادل من ضعاف النفوس، أو تنقصه الثقافة والاطلاع زمجر الشيخ وأسكته بحجج دامغة، ولم يكن ذلك شأنه فقط معنا، بل حتى مع من هم على قدر من العلم.

أعد وقدم الكثير من البرامج والأحاديث، ولا يستطيع تقديم برامجه التي يعدها إلا من هو متمكن في اللغة، وقادر على قراءة خطه، وفي حال قيام الشيخ بتقديم برامجه بنفسه، فإنه لا يتلعثم ولا يتوقف إذا بدأ التسجيل إلا في نهاية الحلقة، ولا يكتفي بحلقة واحدة في كل تسجيل.
يتبع .

 

*إذاعي وكاتب سعودي

 

ــ الدكتور عبد الله الغذامي

ــ الشيخ أبوتراب في انثينية الخوجه، أثناء تكريم الدكتور زاهد زهدي.

بنك مصر مقالات
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.